علّمني صديقي

أول صديقة لي في الحياة كانت "لمى"،  كانت أجمل فتاة في عينيّ ! في البداية، حين صادفتها بعد انتقالي لبيتي الجديد، تمنيت لو كنت صديقة لها. وإحدى المرات، في سهرة عمها، لبستُ فستان سكري قصير، مشطت لي أمي شعري ورفعَته "ذيل فرس" لأعلى، انتعلت حذاء باللون السكري أيضًا، لا أتذكر لكني أعتقد أني وضعت القليل من أحمر الشفاه! جلست خجِلة بلا أصدقاء على كرسيِّ في الحفلة، وجلست أتأملها برفقة قريباتها الأطفال. في يومٍ قريب بينما كانت تلعب بين صديقاتها، دعتني لألعب معهم! رفرفت روحي. هنا بدأت صداقتي معها، لازمنا بعضنا طوال سنوات الجيرة، نسهر في الحارة لساعات متأخرة، وكانت أسعد لحظاتي حين لبسنا نفس الملابس صدفة! كان خاصتي أزرق، وخاصتها برتقالي اللون.

مرّت السنوات، ومرّت عليّ الصديقات، ومفهوم الصداقة لازال يتخذ نفس الشكل، الشكل العفوي الأنثوي اللطيف. كانت لكل مرحلة طابع خاص، ومشاعر كثيرة، بكثرة المواقف والأحداث. 

لكن لي صديق، أعطى لمفهوم الصداقة عندي معنى جديد، طعمٌ فريد، لم أتذوقه من قبل! كأن الصداقة من قبله لا تشبه الصداقة بعده!

علّمني كيف أدعو لمن أحب، كيف أشتاق حقًا، وكيف نهزم المسافات عنوة. علّمني معنى حب المُشاركة بشكلٍ أعمق، وكيف للحزن أن يكون مُعدي بهذا الشكل، وكيف أن للإنسان أن يسعد لغيره أكثر من سعادة غيره لأجل نفسه!

علّمني كيف لكأس الشاي أن يبدأ الحديث، وكيف أنه من الممكن الحديث عن أبسط وأتفه الأمور وجعلها موضوع نقاشٍ عميق! وكيف لأعمق النقاشات نحولها إلى أسفه الحديث لنضحك عليه!

لكلِّ صديق رحلة، ولكل رحلة مذاق، ومحظوظ هو الإنسان الذي ذاق ألذ اللحظات مع الأصدقاء، ممتنة للصداقة الحقيقية، ممتنة للمشاركة، وممتنة لحُب الحياة برفقتهم.



تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

مذكرات

الحُب